في ديسمبر 2010 كانت بداية لــ” الربيع العربي “، وبدأت شرارة الربيع من تونس حيث اندلعت الثورة فيها في 17 ديسمبر 2010. كيف بدأت شرارة الثورة؟ وكيف انتهت بهروب بن علي إلى إحدى الدول الخليجية؟ وهل نجحت الثورة أم لا؟ وماذا حدث لتونس بعد الثورة ؟
شرارة الثورة :
الحادث الذي تسبب في إشعال الثورة هي حادثة محمد البوعزيزي، وهو بائع متجول في مدينة بوزيد التونسية ، أشعل النار في نفسه أمام مكتب البلدية احتجاجا على مصادرة بضاعته وإهانته على يد شرطية حيث صفعته على وجهه أمام الناس بتاريخ ١٧ ديسمبر 2010 ،لم يحرق بوعزيزي نفسه فقط بل أحرق معه بن علي ونظامه وأصبحت هذه الحادثة الشرارة التي بدأ فيها الاحتجاجات التي أشعلت الثورة التونسية ، وانتشرت بدأً من هذه الولاية الفقيرة إلى جميع أنحاء تونس، وخرج المواطنون إلى الشوارع احتجاجًا على الظلم الذي تعرض له البوعزيزي، وما قامت به الشرطية من اعتداء وإهانة، واعتبروا الحادثة دليلا على القهر والفساد الذي يعاني منه الشعب التونسي .
خلال هذه الفترة، تزايدت أعداد المتظاهرين مع ازدياد القوات الأمنية التي استخدمت القوة المفرطة لإخماد المظاهرات المطالبة بإسقاط النظام ،. خلال هذه الثورة وصل عدد الشهداء الى أكثر من 300 شخص، إضافة إلى إصابة المئات، مما زاد من إصرار الشعب على إسقاط النظام، رغم محاولات النظام قمعها باستخدام العنف والقتل ،استمرت حتى ١٤ يناير 2011، وهو اليوم الذي هرب فيه بن علي من البلاد متجهًا في طائرته إلى السعودية، بسبب تصاعد الاحتجاجات, الشعبية التي اجتاحت البلاد واستمرت في الضغط لإسقاط نظامه، وخاصة بعد تخلي العديد من الجهات الأمنية والعسكرية عن دعمه كليا، واهمها الجيش، مما اضطُره للخروج من تونس لإنقاذ نفسه وأسرته من غضب الشعب ، مما أدى إلى انهيار نظامه بشكل كامل.
أسباب الثورة :
اندلعت الثورة التونسية بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية، مثل البطالة المرتفعة والفقر المتزايد، وما أدى أيضا إلى الفساد بسبب استغلال عائلة الرئيس المخلوع بن علي على حكم تونس والسيطرة عليها ما عمل على تزايد الغضب من قِبَل الشعب التونسي. ومن أهم هذه الأسباب أيضا ،هي القمع وتقييد الحريات حيث تم التضييق على حرية التعبير والصحافة بشكل كبير. وكانت الصحافة والإعلام تحت سيطرة النظام، ولم يُسمح لهم بنشر أي شيء ينتقد الحكومة أو الرئيس بن علي, وأي شخص يحاول معارضة الحكومة، سواء بالكلام أو الأفعال، يتعرض للسجن أو التضييق عليه، مثل السياسيين والنشطاء ،هذا يعني أن الناس لم يكن لديهم فرصة للمطالبة بحقوقهم أو التعبير عن مشاكلهم بطريقة سلمية. ونتيجة لذلك، أصبح الشعب غاضبًا ومحبَطًا لأن أصواتهم كانت مكتومة، فكانت الثورة الحل الوحيد لأخذ حقوقهم المسلوبة والضائعة.
وفي أعقاب هذه الأحداث، أعلن المجلس الدستوري في 15 يناير 2011 عن تعيين رئيس مجلس النواب فؤاد المبزع رئيسًا مؤقتًا لتنظيم المرحلة الانتقالية بعد هروب بن علي، تواصلت الأحداث في تونس بعد الثورة حتى انتخابات 23 أكتوبر 2011، حيث فازت حركة النهضة بأغلبية مقاعد المجلس الوطني التأسيسي، الذي شُكل لكتابة دستور جديد لتونس
وفي ديسمبر من نفس العام، انتخاب المجلس الوطني التأسيسي، منصف المرزوقي رئيسا لتونس
ليكون هذا الرئيس هو اول رئيس يأتي بعرس ديمقراطي في تاريخ تونس، هذا الرئيس حقق ما لم يستطع تحقيقه لا رئيس قبله ولا بعده من ناحيه الإنجازات الاقتصادية والسياسية والمصالح الوطنية و الانتخابات ومن ناحيه انه لم يستبد في السلطة من ناحيه انعدام التعذيب في السجون التونسية التي كانت شيء عادي في عهد الرؤساء السابقين واللاحقين له، وفي عام 2014، وبعد انتهاء حكم المرزوقي، أجريت الانتخابات الرئاسية والتي فاز فيها الباجي قايد السبسي، السبسي هذا هو مؤسس حزب نداء تونس، الذي فاز في الانتخابات التشريعية 2014 التي جرت في 26 أكتوبر 2014، وحصل على أكبر عدد من المقاعد في البرلمان التونسي .
ليبدأ الانهيار الكبير :
هذا الرجل الذي اصبح رئيس تونس، كان يشغل مناصب عده في عهد بن علي مثل وزير الداخلية ووزير الخارجية والرئيس البرلمان أي انه محسوب على الثورة المضادة، ودوله العميلة، التي تريد اخماد الثورة التونسية ،وفي حملته الانتخابية وبعد الكثير من الوعود ولم يحقق أي منها، لكنه توفاه الله عام 2019.
في 13 أكتوبر من نفس العام، فاز رجل يدعى “قيس سعيد” في الجولة الثانية بأغلبية ساحقة بنسبة 72.71% من الأصوات، متفوقًا على منافسه نبيل القروي، تم تنصيبه رئيسًا لتونس بعدها بعشرة أيام، كان هذا الرجل هو أستاذ قانون في احدى الجامعات التونسية وكان يدعي انه رجل مزيه ومستقل ،لذلك انتخبه الشعب املا وطمعا في ان يكون كسابقيه على الأقل، يحافظ على الحد الأدنى من الديمقراطية والحرية والانتخابات، لكن هذا لم يحصل، ففي 25 يوليو 2021، قام قيس سعيد، باتخاذ سلسلة من الإجراءات الصادمة التونسيين و وللديمقراطية الناشئة في البلاد، هذه الإجراءات شملت:
- إقالة الحكومة برئاسة هشام المشيشي
- تجميد البرلمان الذي كان يهيمن عليه حزب النهضة، أكبر الأحزاب السياسية في البلاد
- إقالة أعضاء من المجلس الأعلى للقضاء، وفرض تدابير استثنائية واسعة.
هذه الإجراءات كان عنوانها شيء واحد وهو “الانقلاب” انقلاب واضح المعالم، لكنه انقلاب من نوع اخر “انقلاب سياسي” وليس انقلاب عسكري كالذي يحدث كثيرا في بلادنا، لتعود الثورة التونسية التي قامت في 17 ديسمبر 2010 الى نقطه الصفر…… حرفياً، لم يكتفي قيس سعيد بهذا الانقلاب، بل قام باعتقال رئيس البرلمان ورئيس حركه النهضة “راشد الغنوشي” ورمى الدستور الذي كتبته جميع أطياف وأحزاب الشعب التونسي، في الزبالة، وليكتب دستور جديد على مزاجه، الذي استبد به في جميع السلطات التنفيذية والقضائية والتشريعية ليصبح بذلك “بن علي جديد”، وبدأ التونسيون مره أخرى بالنزول الى الشوارع بهدف انهاء الانقلاب وعوده الديمقراطية، لكن هذه الاحتجاجات لم تثني قيس سعيد عن انقلابه المستمر الى اليوم، وفي نفس الوقت لا زال التونسيون يخرجون في مظاهرات متقطعة للمطالبة بتحسين ظروفهم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، التي وصلت الى الحضيض اثناء حكم “بن علي الجديد” لتونس الخضراء.